موقع نبض العرب
جريدة و موقع إخبارى سياسى - اقتصادى - اجتماعى - فنى - رياضى - متنوع

تلك المرَّة لن أنتظر. قصة قصيرة

كتبت أسماء خليل

في ذلك الصباح، كانت تجلس في الشرفة ولم تنم منذ البارحة، اتكأت بذراعيها على سور البالكون، مُصوبة ناظريها إلى المارة بالشارع، وقد اتكأت ذاكرتها على تلك الأحداث التي استغرقت جزءًا كبيرًا من حياتها.. استرسلت آشعة الشمس على جمال وجهها؛ فزادته نورًا، لم تستطع أن تفتح عينيها الكحيلتين من أثر عدم النوم؛ ورغم ذلك لم تستطع أن تغفو ولو بسُباتٍ قليل.. دخلت إلى حجرتها وهي تمشي ذهابًا إيابًا على مهلٍ، ومازال الفكر يتملكها وهي تدقق في كل ركنٍ بالمكان، ولكنها لا تراه.

تكورت جالسةً في أحد الأركان وقد أثنت ركبتيها ووضعت رأسها فوقهما، ثم شردت هائمة الخيال..
ها حبيبتي إنَّني أحِبُّكِ.. ليس باستطاعتي العيش من دونك أبدا، وكما هو الحال الذي من المحال أن يستمر على حال.. أتاها واجمًا عابس الوجه متشاجرًا معها ومع الجدران؛ حتي يهدأ.. ولكنها تتحمل.. إنَّها تعشقه عشقًا جنونيًّا، وحينما يتحاوران تعاتبه عتابًا هيِّنًا ليِّنًا.. عتاب المحبين؛ فيتلاشي كل غضبه ويكأنه طفلًا مُدلَّلًا.. وما بين تلاشي آشعة الشمس وانبعاث أنوار القمر؛يحدث ما يحدث دومًا..يأتي إليها كزخات الأمطار المتهاوية التي تحمل قطرات الغضب، وريثما تنطق يرد قائلًا : أنتِ طالق!!..

سرعان ما تتخاذل وتبكي ثم تبكي إنها.. تحبه، ثم تذهب لدار أهلها وتظل متثاقلة الأنفاس وتنتظر ليأتي ويرُدَّها لتعود لداره.. وبالفعل يأتي بعدما يكون الانتظار قد أعياها.. ثم يتكرر ذلك المشهد الذي اعتادت عليه وتمقته.. مشهدٌ هزلي ليس له أصل بالواقع.. يكرر قول يمين الطلاق مرة أخرى، وتظل بانتظاره في دار أهلها.. ثم تعود غير مستبشرة، قائلةً له : لا تقل هذا مرة أخرى.. وكأن كلامها يذهب أدراجه في مهب الريح.. عاد وعادت الكلمة تجري بين شفتيه؛ إلى أن قالها للمرة الثالثة.. نظرت إليه بكل أسى باكية تُغالب جزعها.. إنها ظلَّت بانتظاره أيضًا تلك المرة.. كيف؟!.. إنها لا تدري.

إنه لا يعلم ماذا حدث له تلك المرة.. لقد تلاشى في نفسه وندم أشد الندم، وهي لا تعلم ما الذي بدأ يحدث لها.. لقد حدث شيء ما.. شيء لا تعلمه بدأ يسري في ذاتها وبدأت تتساءل : هل القلب المُحب بإمكانه أن يكره ؟!

وسرعان ما جاء إليها ومعه مأذونًا وابن عمه؛ ليتخذه محللًا.. ثم أثنى ركبتيه أمام جمال روحها قائلًا : لن أستطيع العيش بدونك حبيبتي.. نظرت إليه نظرات حانقة، ولسان حالها قائلًا ” العب غيرها يا شاطر”، عاود الطلب ولكنها لم تنبس بكلمة واحدة.. ثم كرر وكرر، ولكنها وجدت نفسها في مفترق الطريق قائلة له : حتمًا لن أعود، ثم استدارت بجسدها واضعة يدها على وجهها تلثم أدمعها، ثم قالت له : ليس بإمكاني تلك المرة أن أنتظر.

اترك تعليقك