موقع نبض العرب
جريدة و موقع إخبارى سياسى - اقتصادى - اجتماعى - فنى - رياضى - متنوع

قبس من نور ومع ذو القرنين ( الجزء الخامس )

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع ذى القرنين وقد تحدثنا أنه أرسل أهل قريش إلى أحبار اليهود بأمر النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقالوا لهم أن يسألوا عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، وما كان نبأه ؟ وسلوه عن الروح ما هو؟ فلما سألت قريش النبي صلى الله عليه وسلم، الأسئلة الثلاثة، قال لهم” أخبركم بما سألتم عنه غدا ” ولكن ظل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، خمسة عشرة ليلة لا يأتيه الوحي حتى أحزن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وشق عليه ما يتكلم به أهل مكةَ، ثم جاءه جبريل عليه السلام من الله عز وجل، بسورة الكهف، ولكن قد ضعَّف هذا الحديث ابن حجر العسقلاني وغيره، وقد اختلف أهل التفسير في ذي القرنين فقيل أنه كان نبيا، وقيل أنه كان ملكا، وقال ابن كثير، والصحيح أنه كان ملكا من الملوك العادلين.

وقال ابن عباس رضى الله عنهما “كان ذو القرنين ملكا صالحا، رضي الله عمله، وأثنى عليه في كتابه” وقد سئل علي بن أبي طالب عن ذي القرنين؟ فقال رضى الله عنه ” لم يكن نبيا ولا رسولا ولا ملكا، ولكن كان عبدا صالحا” وقال وهب بن منبه “كان له قرنان من نحاس في رأسه” وقد قال ابن كثير: وهذا ضعيف، وقيل أنه سمي بذي القرنين، لأنه ملك فارس والروم، فلقب بهذا، وقيل لأنه بلغ قرني الشمس شرقا وغربا، وملك ما بينهما من الأرض، وقد ورد في تفسير معنى اسمه أنه سمي بذي القرنين لأنه ورد أقصى الأرض في المغرب وأقصاها في المشرق، وقيل بسبب شج قرني رأسه، وقيل غير ذلك، وسبب التسمية غير متفق عليه، وفيها عدة أقوال ذكرها أهل كتب التفسير، وقد ذكر ابن كثير أن ذا القرنينِ أسلم على يدي نبى الله إبراهيم عليه السلام.

وطاف معه بالكعبة هو وإسماعيل عليهم السلام، وقد ذكر الطبري أنه كان في زمن الخضر، وأن الخضر كان على مقدمة جيشه، وكان عنده بمنزلة المشاور، الذي هو من المَلك بمنزلة الوزير، وعلق ابن كثير على ذلك فقال والصحيح أنه أي الخضر، وقد كان في زمن أفريدون، وقد استمر على قيد الحياه إلى أن أدركه نبى الله موسى عليه السلام، وبحسب دراسة للباحث سامي القسيمي، في كتب العهد العتيق ككتاب عزرا هو کوروش ملك الفرس، وهو مؤمن بالله وباليوم الآخر، ويدل على ذلك ما في جاء كتب العهد القديم من تجليله وتقديسه حتى سماه في كتاب الأشعياء، راعي الرب، وقد ذهب عدد من المفسرين إلى أن ذو القرنين هو نفسه الملك سليمان المذكور فى القرآن والكتاب المقدس، مستشهدين فذكر الله تعالى لذا القرنين على أنه ذو ملك واسع.

وصاحب آلات مكنته من تحصيل مقاصده العظيمة والجسمية، وبلغ حكمه مشارق الأرض ومغاربها، وهو ما ينطبق على النبى سليمان عليه السلام، ويرى حمدي بن حمزة أبو زيد عضو مجلس الشورى السعودي في كتابه فك أسرار ذي القرنين ويأجوج ومأجوج أن ذو القرنين ما هو إلا أخناتون، وهو ذلك الملك الفرعوني الموحد لله، فيما هناك العديد من الشواهد التي ترجح ان ذو القرنين كان أحد ملوك حمير التبابعة مثل اسم ذو القرنين نفسه الذي ورد في القران الكريم فلم يكن أحد في العالم يستخدم أضافة كلمة ذو، وذي، في تسمية الأشخاص والمناطق غير العرب وبالتحديد أهل اليمن، وأما عن قصته فقد أتى في تفسير القرآن الكريم لآيات التي تقص قصة ذو القرنين وهل من أصدق من الله قيلا، فالقصة تحكي أن الله تعالى، أعطاه الحكم والقوة.

فجال بجيشه في الأرض يدعو الى الله تعالى حتى وصل الى غربا ووصل الى عين حمئة كبيرة ، وقد كانوا يقولون أن الشمس تغرب في هذه المنطقة وكانوا يعتقدون أنها نهاية العالم وأن الشمس تغطس في المحيط وهو المحيط الأطلسي حتى وصل على قوم موجود هناك، وقد رأى الشمس تغرب في منطقة في بحر إيجا المحصورة بين سواحل تركيا الغربية شرقا واليونان غربا، وكان فيها قوم وقد ألهمه الله تعالى بأنه مالك أمر القوم الذين يسكنون فيها، والذين كانوا يعبدون الشمس من دون الله، وقد ألهمه الله أيضا ملكهم إما أن يعذبهم أو يعفوا عنهم، وقد حكم هذ الحاكم العادل بأنه سيعاقب المعتدين الظالمين في الدنيا وسوف يحاسبهم الله تعالى يوم القيامة، ومن آمن منهم سيكرمه ويعفوا عنهم، ومن بعد إنتهاء ذو القرنين من أمر الغرب توجه الى أقصى الشرق.

من مكان ما تشرق فيه الشمس، وهذه الأرض كانت مكشوفة لا أشجار فيها ولا مرتفعات تحجب الشمس عن أهلها وحكم بأهلها كحكمه على أهل الغرب، وأما عن قصته مع قوم يأجوج ومأجوج فكان من بعد ما إنتهى ذو القرنين من أهل الشرق أكمل طريقه حتى وصل الى قوم يعيشون بين جبلين أو سدين وبينهما فجوة، وكانوا يتكلمون بلغة غريبة غير مفهومة وعندما وصل اليهم وجدوه حاكم أتاه الله من قوة فطلبوا منه المساعدة ليجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدا مقابل من المال فوافق الملك أن يجعل بينهم سدا ولكنه لم يرضى أن يأخذ مال وزهد عنه، وقد أتاه الله من الحكمة فقد إستخدم ذو القرنين هندسة رائعة في بناء السد، فقد قام بجمع الحديد ووضعها في الفتحة حتى تساوت مع قمة الجبلين وأوقد النار عليها ومن ثم سكب عليه النحاس المذاب،حتى يصبح أكثر صلابة وقوة فسد الفجوة ومنع الطريق عن قوم يأجوج ومأجوج .

وإن الفائدة من هذه القصة هو أنه رغم قوة حكم ذو القرنين وما أعطاه الله من الحكمة ومن قوة ومن عزة لم يسكن قلبه الغرور، فقد جال الشرق والغرب وحكم العالم بحكمه العادل ولم تأخذه الكبر، وأن الحاكم الصالح باستطاعته التغيير للأحسن لقومه وشعبه، ورغم الفتوحات التي فتحها وحكمه الشاسع لم يكن هدفه الجمع المادي فقط للدعوة الى الله تعالى ورفع الظلم، ولم يقم من الإستغلال للأشخاص والجماعات الذين كان يمر عليهم وكان يعاملهم برفق، فهي قصة يجب أن يتعظ منها الحكام ومن لديه السلطة سواء كان في عمله أو في بيته أو مهما كان فالرفق والرحمة والتواضع من صفة العظماء، ويرى بعض المؤرخين المسلمين أن هناك تشابه بين قصة الإسكندر الأكبر وقصة ذي القرنين.

بينما يرفض ذلك أغلب علماء الدين الإسلامي باعتبار أن الإسكندر المقدوني لم يدين بالتوحيد، ولم يكن مؤمنا صالحا مثل ذي القرنين، والاستدلال الأكبر من قبل المؤرخين أن الإسكندر كان يظهر على رأسه قرني كبس في أغلب المسكوكات، وأنه غزا الشرق والغرب، وبينما ينكر ذلك أغلب علماء الإسلام، ويستدلوا بعدة أدلة، منها أنه لم يكن موحدا، وأن زمن الإسكندر الأكبر مختلف عن زمن ذي القرنين، فيذكر ابن كثير الدمشقي أنه بين زمانيهما أزيد من ألفي سنة، وأما الاختلاف الثالث فأن الإسكندر كان من اليونان، وذي القرنين من العرب، وكما يعتقد عدد من علماء المسلمين أن ذي القرنين كان في زمن نبى الله إبراهيم عليه السلام، وقد ذكر الأزرقي وابن كثير الدمشقي أن ذا القرنين أسلم على يدي نبى الله إبراهيم وطاف معه بالكعبة هو وإسماعيل عليهم السلام.

وقد وردت بعض الآثار الإسلامية المنسوبة للصحابة الكرام والتابعين أن ذا القرنين أنه من ملوك حمير، وكان ملوك حمير التبابعة يحملون ألقاب بها حرف ذو، مثل ذو نواس الحميري والملك سيف بن ذي يزن والملك ذو رعين الحميري والملك عمرو ذو غمدان، والملك عامر ذو رياش، والملك إفريقيس بن ذي المنار والملكة لميس بنت ذي مرع وغيرهم كثيرون، وقد اختلفوا في اسمه فقالوا اسمه الصعب بن مرائد، وهو أول التبابعة، وهو الذي حكم لإبراهيم في بئر السبع، وفي خطبة قس بن ساعدة قال “يا معشر إياد، أين الصعب ذو القرنين، ملك الخافقين، وأذل الثقلين، وعمر ألفين، ثم كان كلحظة عين” ويُروى عن ابن عباس رضى الله عنهما، أنه سئل عن ذي القرنين من كان، فقال ” هو من حمير، وهو الصعب بن مراثد، وهو الذي مكن الله له الأرض وأتاه الله من كل شي سببا “

اترك تعليقك