قبس من نور ومع ذو القرنين ( الجزء الأول )
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ذو القرنين هو اسم شخص قد ورد ذكره في القرآن الكريم، كملك عادل، أوعبد صالح لله تعالى، وقد بنى ردما يدفع به أذى يأجوج ومأجوج عن أحد الأقوام، ويحكي القرآن الكريم قصة ذي القرنين وأنه بدأ التجوال بجيشه في الأرض، داعيا إلى الله تعالى، فاتجه غربا، حتى وصل منتهى الأرض المعروفة آنذاك، ويقول الله عز وجل فى كتابه العزيز فى سورة الكهف ( حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فى عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا ) وجاء في تفسير ابن كثير قال ” أَى أنه رأَى الشمس فى منظره تغرب فى البحر المحيط وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله يراها كأنها تغرب فيه ” وقد ذكر المفسرون أن سبب تسمية ذي القرنين هى تعود إلى وصوله للشرق والغرب.
حيث يعبر العرب عن ذلك بقرني الشمس، وقيل لأنه كان له ضفيرتان من الشعر والضفائر تسمى قرونا، وقيل كان له قرنان تحت عمامته، وقيل غير ذلك، ولا يخفى أن هذه التفسيرات لم يقم على واحد منها دليل ويجب الأخذ به وبالتالي فإن الأمر يظل أمرا غيبيا، وإن من أعظم القصص التي ذكرت في القرآن الكريم هي قصة ذو القرنين في سورة الكهف، وهذا الشخص إسمه ذو القرنين الذي عرف بأنه ملك عادل، وأيضا فهو الذي بنى السد على قوم يأجوج ومأجوج، ليدفع به الأذى الذي كان يأتي منهم، وقد عرف عند البعض كشخصية أسطورية، وسمي بهذا الإسم ليس لوجود قرنين أو ما شابه بل وصف بذلك لوجود ضربتين في رأسه واحدة يمينه والأخرى يساره، وقد إختلف العلماء على التحديد الحقيقي والشخصي لذو القرنين
فمنهم من حدد هويته بأنه هو الإسكندر الأكبر أو كورش الكبير أو اخناتون الفرعون المصري، فهو غير معروف الهوية بالتحديد والله أعلم، وهو واحد من الشخصيات التاريخية التى كان لها ذكر عظيم فى التاريخ الدينى والإسلامى، وهو ذو القرنين، ذلك الملك الذى ذكره الله تعالى فى كتابه العزيز فى سورة الكهف قائلا سبحانه ( ويسألونك عن ذى القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا، إنا مكنا له فى الأرض وآتيناه من كل شئ سببا ) ولكن من هو ذو القرنين، فإن العلماء قد اختلفوا في تحديد هويته بين عدد من الشخصيات أشهرها أحد ملوك حمير، وهو كورش الكبير أو الإسكندر الأكبر، ومنهم من قال إن ذا القرنين ليس اسما أو وصفا لتشويه خلقى إنما هو لوصف ضربتين فى رأسه واحدة يمينه والأخرى يساره وليس لأن له قرنان.
أو ما شابه، بينما يعتبره البعض من غيرالمسلمين بأنه شخصية أسطورية، وكان قليل من الناس الذين اجتمع لهم الدنيا والدين، وكثير منهم يفسدون في الأرض فيملكون المال واكثر منه يظلمون اذا ما لقوا رقاب العباد، يظلمون الناس ولا يعبدون، ومنهم فرعون وهامان والنمرود، اولئك الذين لعنهم الله تعالى، واخذهم اخذ عزيز مقتدر، وما من شك انهم في النار خالدين فيها، وذلك جزاء الكافرين، ولكن الصنف الأول، وهم من اجتمع لهم الغنى في الدنيا والتقوى في القلب، فهم قليلون مثل نبى الله سليمان ونبى الله داود عليهما السلام، وقد جنحوا الى التقوى والعباده والحكمة، وعندما ذكرت قصة العبد الصالح الخضر عليه السلام، مع نبى الله موسى عليه السلام، وكيف أن الله آتاه رحمة من عنده وعلّمه من لدنه علما.
أي علمه إشراقي من الله تعالى مباشرة، وعلمه بمراد الله من فعله، وكيف أن نبى الله موسى عليه السلام قد نال دروسا بمراد الله من أفعاله على يد ذلك العبد لله الصالح وهو الخضر عليه السلام كما يسميه الناس، وكانت جميع أفعاله ضمن إرادة الله تعالى ويطبق مراد الله عز وجل، من قتل الغلام إلى خرق السفينة إلى بناء الجدار، فكل أفعاله بإذن من الله عز وجل وبأمر منه تعالى، فعندما ذكرت تلك القصص في القرآن الكريم، عن هذا الرجل الصالح العظيم فقد تولد عند الصحب الكرام الشوق للاطلاع على المزيد من أعماله العظام، وتاقت نفوسهم لمعرفة الكثير عن العظماء، إذ أصبحت طموحاتهم تتوافق مع طموحات العظماء من السادة الأنبياء والمرسلين، فذكر لهم النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن هذا العبد الصالح
الذي كان يقوم بأعمال فردية ولمرضاة الله تعالى، وضمن مراد الله عز وجل، قد مكّنه الله فيما بعد ورزقه فتح العالم بأسره ودانت له الأرض كلها من شرقها إلى غربها، وذلك عندما أرسل الله تعالى نبيه موسى عليه السلام لفرعون ليؤمن بالله وتكون فتوحات العالم كلها على يديه، ولكنه لم يؤمن فحولها الله وكتبها لبني إسرائيل شرط أن يؤمنوا مع نبى الله موسى عليه السلام فقال سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز فى سورة الأعراف ( وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بنى إسرائيل ) ولكن وحيث أنهم رفضوا الجهاد المقدس عندما دعوا له وتقاعسوا عن القتال في سبيل الله تعالى .
بل قالوا كما علمنا الله عز وجل فى كتابه الكريم فى سورة المائده.
( فاذهب انت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) والأمور العالمية كلها قد هيأها الله تعالى والوقت مناسب لهداية الأمم وإخراجهم من الظلمات إلى النور، عندئذ رأى ذو القرنين ذلك ببصيرته النافذة فجمع حوله الشباب السالكين في الحق المؤمنين الحماسيين ونهض بهم لفتح العالم للنور والضياء وإخراجهم من العمى إلى البصيرة ومن الشقاء والآلام إلى السعادة والجنات، ورأى أن ذلك لا يكون إلا بحمل كتاب الله تعالى، بيد والسيف باليد الأخرى، فمكنه الله تعالى، من طموحه ودانت له الأرض من شرقها إلى غربها، وذو القرنين هو احد الملوك الصالحين في الأرض وهم قليلون جدا، وقد ولد ذو القرنين في الزمان القديم، وكان من اولاد سام ابن نوح عليهم السلام ، وقيل أنه في بدايه حياته كان رجلا عاديه من ابناء الملوك.
وكان يعيش في قصر ابيه، حتى حمله الإيمان بالله على ان يبحث عن الحقيقه، فصار ملكا على البلاد بعد وفاه ابيه، وقيل أنه لم يكن من العرب بل كان روماني وكان اسمه هيرمس، وقد خرج فيه جيش يبحث عن حقيقه الإيمان، حتى وصل الى نبي الله ابراهيم عليه السلام، وقد اسلم على يديه وقد امن بالله تعالى، وطاف حول الكعبه مع نبى الله ابراهيم وابنه اسماعيل عليهم السلام، ثم عاد الى بلاده مره اخرى، وقد جزاه الله على ايمانه، وقد جعل الله تعالى، حوله رجل خير من وزرائه، ويقال هو العبد الصالح الخضر عليه السلام، فقيل أنه كان الخضر عليه السلام، هو وزير و صاحب الرأي والمشورة عند ذو القرنين، وقد أراد ذو القرنين الذهاب الى مكه للحج الى بيت الله ماشيه من بلاده، حتى الكعبه طمعا في مغفره الله تعالى.
وحين سمع نبى الله ابراهيم عليه السلام، ذلك دعا له وخرج يستقبله ودعى الله ان يوفقه واستجاب الله تعالى، دعاء نبيه ابراهيم الخليل عليه السلام، فسخر الله تعالى السحاب لذي القرنين تحمله حيث شاء، واين ما اراد جزاء له على ايمان ومكافاه على اخلاص لله تعالى، ولقد اطلق عليه اسم ذو القرنين، لانه بلاغ قرني الشمس شرق وغرب، ولو انك نظرت الى الشمس لوجدت لها قرن حين تشرق اشعتها، وهو ما يشبه قرني الثور، وقرن في الشرق، وكان ذو القرنين قد وصل الى شرق الارض الى غربها، ربما لذلك سمي بذو القرنين، وبعض الناس قالوا انه كان يلبس خوذه فيها قرنين، لذلك لقب ذي القرنين، وكان ذو القرنين يعمل على طاعه الله تعالى.