آخر الليل
حسام جمال الدين
يعصف الأرق بعقلى كما تعصف ريح شتاء بارد بنافذة متهالكة، تعتمل المشاعر فى قلبى كاعتمال حمم قبل الخروج لفوهة بركان، ساكن حد الموت ثائر حد الجنون، تمرق ساعات الليل مروق سهم فى جسد هزيل، يقرر النوم أن يهجرنى هذه الليلة هجران محبوب دون وداع.
قرأت كثيرا عن شعور الناس بالغربة ومفهوم الغربة، كل منا يشعر بالغربة شعورا مختلفا، وفرق بين الغربة والاغتراب، الاغتراب شعور اختيارى تختار فيه أن تبتعد لأنك ترى نفسك مختلفا أو غير متوائم مع ما حولك.
الغربة شعور يغزوك بلا إرادة منك، وأهون الغربة غربة المكان، وأقساها غربة الروح والقلب والعقل، غربة الروح أشبه بطائر مغرد يعزف منفردا فوق غصن وحيدا لا يعود إليه سوى صدى صوته، الغربة الأقسى هى غربتك بين الناس، غربتك بين أحبابك ورفاقك، تدرون أن من الغربة أن تشعر بالسخط فى مكان كنت تتمنى الرضا فيه، أن تشعر بالوحدة حيث تبحث عن دفء القلوب، أن تشعر باقتراب الموت فى أكثر مكان تتمناه مفعما بالحياة.
الغربة أن تصمت وتطوى قلبك على ما فيه فى الوقت الذى تتمنى فيه أن يسمعك من حولك، الغربة أن تحب شيئا تدرك أنه ليس لك، أن تقبض على جمر إيمانك وجُلُّ من حولك يفرطون فى إيمانهم.
الغربة أن تعيش بين أناس يتحدثون مثلك ويسلكون طريقك ولكنكم مختلفون حد عدم الالتقاء فى نقطة واحدة، فليس كل السائرين فى الدرب نفسه متشابهين.
الغربة بركان يعصف بالروح والقلب، الغربة هى غربة الجمال فى عالم قبيح، غربة النقاء فى عالم ملوث، غربة القلب حين لا يسمع نبضهه أحد، غربة القلم حين لا يسمع بوح صريره سواك.
اترك تعليقك