” الإخلاص والنيــــة”
بقلم – أمل درويش
في زمن سيطرت فيه “السوشال ميديا” على حياتنا حتى صارت هوسًا وإدمانًا عند البعض، أو عادة على أقل تقدير، وصار المسؤول شأنه شأن أي فرد يهتم بهذه الوسيلة في نشر نشاطه وإبراز دوره في المجتمع وتأديته لواجباته المنوط بها.
ويحضرني الآن واقعتان، وإن اختلفتا في حجم المشكلة وأثرها، ولكن رد الفعل متقارب إلى حد كبير، فمنذ عدة شهور قامت إحدى المسؤولات بتعنيف بائع جائل في حي من الأحياء الراقية التي تتجاوز فيها قيمة الوحدة السكنية ملايين الجنيهات، فكيف يسير قاطنوها ليعكر صفوهم هذا البائع البسيط الذي ربما كان هذا هو كل رأس ماله الذي يعينه حد الكفاف، فلا يلجأ للسؤال.
وبالطبع قامت المسؤولة بنهر البائع وإتلاف بضاعته البسيطة، أمام كاميرا الهاتف التي تسجل وتبث عرضًا لكفاءة المسؤولة وتصديها لكل ما يفسد المنظومة المُهيأة لإسعاد المواطن المصري!!!.
وأما الحادثة الثانية فكانت لمسؤول يعنف فيها مسؤولة أقل منه في السلم الوظيفي في مقر عملها بعدما قام بعمل “كبسة” ليتابع مسيرة العمل والاستعدادات لبداية موسم دراسي جديد بعد إجازة طويلة امتدت لعدة شهور بسبب الضيف الثقيل المدعو كوڤيد ١٩.
كنت أتمنى من السيد المسؤول نهر الشخص الذي قام بالتصوير ومنعه من التصوير لأتفهم المصداقية والرغبة في متابعة سير العمل بشكل سليم، دون عمل استعراض بطولي.
ودعوني أهمس في أذن المسؤول بهمسة بسيطة: هذه هي حقيقة الوضع في معظم المدارس، فلا نظام ولا نظافة ولا ترتيب، يمكنك أن تقوم بجولة في بقية المدارس، أو تقوم بجولة أثناء اليوم الدراسي “على غفلة” دون تسريب أخبار مسبقة وسوف ترى الوضع أسوأ.
وهذه الحمامات التي لم تعجبكم لوجود شباك العنكبوت بعد شهور من ارتياحهم وصولاتهم وجولاتهم بحرية في غياب الجميع، ستجدها وتجد الأسوأ في الأيام التالية.
دعني أخبرك سرًّا: كنت أنا وزملائي وزميلاتي نذهب لبيوتنا لقضاء حاجتنا “أعزكم الله” في المرحلة الابتدائية لعدم صلاحية دورات المياه في المدارس للاستخدام الآدمي، وفي المراحل الدراسية التالية كنا نصوم منذ الليل كي لا نضطر لاستخدام دورات المياه المدرسية.
والجميع يعلم ذلك، ومعظم الأمهات تعرف ما أقوله، والعاملات في المدارس تقوم بالتنظيف مرة واحدة في نهاية اليوم الدراسي..
وربما مرة كل أسبوع.
سيدي الفاضل صدمتني طريقة تعاملك مع مديرة المدرسة، وبعدما كنت سعيدة بأن هناك مسؤول أدرك أخيرًا حجم المأساة الموجودة في المدارس، أحزنني أسلوبك في تعنيفها.
يمكنك وقفها عن العمل وإحالتها للتحقيق ولكن دون إهانات، فنحن بذلك نسمح لكل مسؤول بإهانة زملائه ومساعديه بالطريقة التي تتراءى له.
نتمنى من كل مسؤول أن يتابع سير العمل في نطاق تخصصه، ويحث الجميع على التفاني والإخلاص في العمل بودٍّ وبدون إهانات أو تجريح، فهناك فارق كبير بين حب العمل والإخلاص فيه، وبين العمل بنيّة الظهور والتميز عن الآخرين حتى لو على حساب مصلحة العمل.