موقع نبض العرب
جريدة و موقع إخبارى سياسى - اقتصادى - اجتماعى - فنى - رياضى - متنوع

قصة الأخرس “الجزء الثاني”

تأليف.. محمود زيدان

تعلمت كيف تتعامل معه وتعلم كيف يتعامل معها كان يقرأ شفتيها ويعرف ماذا تريد وعلمت والدها وأخواتها كيفية التعامل مع ” وهبه” عن طريق الإشارة وهذا ما سهل عليهم كثيرا ولكن بقت المشكلة الكبرى.

كيف سيتخطى الصغير ما يتعرض له من مواقف في الحياة مع جيرانه وأطفالهم وكانت أمه الصغيرة هي حائط الصد المدافع دائما عن أخيها وتقف في وجه الجميع أذا لازم الأمر للدفاع عن أخيها.

ليضرب القدر تلك الأسرة بقسوة ضربة موجعة جدا مات سيد رب الأسرة وكانت تلك هي الطامة بالنسبة لهم أربعة بنات وولد من ذوي الهمم وأنقطع عنهم الدخل نهائيا؛ أهل المنطقة يقسمون أن يردوا الدين لأم الأولاد رحمه الله عليها فيتكفلون باستكمال إيجار الشقة وكافة المصروفات المدرسية واستطاعوا أقناع الأولاد أن هذه الأموال هي معاش والدهم من عمله وأقتنع الصغار ومرت الأيام والشهور والسنين. وكبر وهبه وكذلك أخواته البنات وبدأن النزول لسوق العمل منهن من عملت بائعة في محل ومنهن من عملت في عيادة وأخرى في مكتب محامي؛ ليقرر الولد أن يعمل مثل أخوته ولا يكون عالة علي أحد.

في ورشة نجارة يكلفه صاحب الورشة بأعمال النظافة وإحضار الطلبات وكان سعيد جدا بما يتقاضه من نقود شحيحة جدا لا تكفي لأي شيء من

احتياجاته؛ ورغم ذلك كانت أمه الصغيرة دائما ما تشعر أخيها الصغير بأنه هو من يصرف علي المنزل حتي تشجعه علي العمل ويتنقل وهبه من عمل لعمل ومن صنعة لصنعة وأخيرا يجد نفسه.

في أحدى المحلات المنتشرة لصيانة الكمبيوتر يطلب وهبه من الشيخ صاحب المحل أن يعمل لديه والشيخ يقبل مرحبا فهو صديق للمرحوم والده ويحب الصغير ويرعاه؛ ويبدأ مرحلة جديدة في حياته لقد أظهر موهبه في تعلم الهارد وير والسوفت وير وكل ما يتعلق بصيانة الكمبيوتر وأصبح له زبائن يقولون للشيخ احتياجاتهم والشيخ يطلب منه تنفيذ المطلوب وينفذه بأكمل وجه.

اليوم هناك زيارة عائليه لجيران وهبه لمنزله والبنات تجهز البيت للزيارة ويتكفل هو بإحضار بعض الفواكه والمشروبات الغازية والحلويات ليتفاجأ الجميع بأن الزيارة خاصة بطلب يد أخته الكبيرة لأبن جيرانهم؛ تحاول الأخت الرفض ويشير لها بأن تصمت ويطلب منها أن تبلغهم بأنه سيرد عليهم خلال يومين.

ويتناقش الأخوات وكلهم فرحة لأختهم التي ضحت بكل شيء من أجلهم والجميع علي استعداد تام للمساعدة بما يستطيع ويطلبون من أختهم عدم الرفض وخاصة أن العريس مشهود له بالخلق والالتزام ومحبوب من الجميع ويعمل في أحدي المصانع وله دخل ثابت ويتفق الجميع علي الموافقة وأنهم سيتدبرون نفقات الزواج بالدخول في جمعيات مع جيرانهم.

وهبه يبلغ الشيخ صاحب العمل بما حدث ويطلب منه أن يخبر أهل العريس بالموافقة وتحديد يوم لقرأه الفاتحة وينفذ الشيخ ما طلب منه بل أنه كان في استقبال المدعوين وجلس يتفاوض مع أهل العريس علي متطلبات الزواج ليؤكد والد العريس أن شقة العريس كاملة لا ينقصها سوى العروسة واحتياجاتها الشخصية فقط فيفرح الجميع لسماع ذلك ليرد الشيخ بأنه سيتكفل بجميع احتياجات العروسة ليرد علية والد العريس بأنه سيشترك معه فيما ستحتاج.

وحده وفراغ شديدين يشعر بهم وهبه بعد زواج أخته وأمه ومعلمته وحاولن أخوته البنات التسلية عنه وإخراجه من حالته تلك وساعدهم هو علي تقبل الأمر ويجتهد في عمله جدا والشيخ معه يحمسه ويرفع من

عزيمته وكثيرا ما كان يعطيه كامل ثمن الصيانة التي قام بها وحده ومرت السنوات وتزوجن باقي أخوته.

أصبح وهبه بين عشية وضحاها وحيدا لا شريك ولا ونيس له غير عزلته الليلية وعمله بالنهار وكثيرا ما طلبوا منه أخوته أن يتزوج ولكنه يرفض بشدة ذلك الرأي.

وكادت أول سنه منذ زواج أخر أخت له أن تنقضي وكعادتها ذهبت أمه الصغيرة صباحا لتنظف له الشقة وتحضر له الطعام لتجد وهبه نائما ناظرا للسماء مبتسما وتحاول أن توقظه ولكنه ليس نائما لقد فارق الحياة بعد أن أطمئن علي أخوته وأدي رسالته.

خاتمة

الجار أخ وسند وأقرب لجاره من عائلته لهذا أوصانا رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم بالجار خيرا.

حافظوا علي الجار وحقوقه فمن يدري ماذا سيحدث غدا؟

 

اترك تعليقك