أغنيات بيليتيس
ماجدة داغر من لبنان
وهي ترحل
لا تُعرِّ كتفيَها من الّلحظة المنتشية
وحدها تعبّئ الوراء في حقيبتها
وحدها تتقن استحضار المحيط
لترميَها، فصلاً فصلاً، أغراضَ الحقيبة
ومواسمَ الشّهوة،
وحده أحمر شفتيها
يرمّم وجه البحر.
وهي ترحل،
أنشِد لكتفيَها “أغنيات بيليتيس”،
دعها تتلو الرّيح:
“آه يا حبيبي
لا أزال جميلةً في الّليل
وخريفي
أكثر دفئًا من ربيع النّساء”.
يا حبيبها المفجوع بخَفر قدمَيها
وهما تعبران لازمة الجسر
تغنّيان “أناشيد مالدورور”.
لا تبحث عن مائها
صار عطرًا
صار غيمةً
صار أمًّا للزّنابق.
دعها تبتعد، تنأى
دعها تصغر كالهايكو
وكسماء الملحدين.
دع الغيمة تكبر في رأسها الصّغير
وحدها تعلم أوان المطر،
وحدها تترقّب حليب الينابيع.
وهي ترحل،
بيضاءَ مغسولة بماء الطّريق،
دعها ترقص على حافة الدّائرة
لا تُدِر ظهرك ناحية الجثّة
وهي تفتح في صدرها مجرًى للنّهر.
لا تمضِ إلى حيث تسجد المرأة المصلية،
إلى حيث غوايتها
تناجي بركبتَيها السّاديَّ الأكبر.
دعها تغتسل وترحل
إلى النّهر العظيم.
أرهِف السّمع إلى حواسِّها
وهي ترحل،
تسقط منها مدينةٌ
وهي ترحل،
وحزقيال ودانيال يرتقان النّبوءة بشعرةٍ
لم تسقط من رأسها.
إرحل وهي ترحل،
لا تمدّ عنقك إلى فوّهة النّار
إلى فمها المقطوف من حديقة البركان،
إرحل ولا تنظر إلى الوراء.
اترك تعليقك