في محل الانتيكات
في محل الإنتيكات
….
بقلم الكاتبة / غادة العليمي
أعدنى يا ساكن المصباح
الى زمن غير هذا الزمن فانا لا اشبه شئ هنا.. وماعدت أالف شئ ولا يألفنى شئ
اعدنى الى عصر ماقبل الفوضى والعبث وغياب المفاهيم وسقوط الاخلاق وتعثر الرؤية
اعدنى لصوت عبد الحليم وروايات السباعى واحسان وعالم ابيض واسود لكن ملون بالقيمة والمعنى والاحساس
اعدنى لعصر احترام الكبير وتوقير المعلم والامتنان لمن يقدم العون وتقدير قيمة الانسان بما يقدم لا ما يملك
اعدنى لجلسة على شط نيل غير ملوث بالنفايات وسهرة تحت قمر لا تحجب اضواءة سحابة سوداء من التلوث
اعدنى لعصر الفن والادب والموهبة التى لا تشترى شهرتها بالمال ولا تؤجر من يدعمها بتبادل المصالح
اعدنى لعصر الجريدة الورقية التى تثقف دون ان تحشد تشيد دون ان تجامل وتمجد تحمل اقلام ثقيلة وعواميد تنتصب فى وجه الزيف كعامود الصوارى لا تسقط بسقوط سيد وعودة ولى نعم
اعدنى لايام اذاعة برامج كانت تبث القيمة وتقدم الفن والذوق والاخلاق والمعلومة وكان من يعرف فقط هو من يتكلم
ومحطات راديو كانت تثرى العقل وتداعب الخيال وتغذى الروح وتحلى الاوقات
اعدنى الى عصر مدرستى الجميلة التى تلقيت فيها التربية قبل التعليم واصدقائى الذى حلمت معهم وحلموا معى بغد جميل يساع الجميع وقت ان كانت منصة الاحلام تجمع الحالمين وتستوعب المحبين
اعدنى لعصر النقاء والكلمة القاطعة التى تحمل معنى واحد من دون توريه والمشاعر التى تعبر عن احساس واحد مقره القلب وليس المصلحة والمنافسة المشروعة من دون وشايات ولا اسفينات
اعدنى الى عصر كانت الجيران كالاهل ابوابهم مفتوحة فى وجه بعضهم تجمعهم السراء والضراء والتعاون ليساعدوا مبتلاهم ، حيث الطبق الدوار فى المواسم بابسط الاطعمة واعمق العلاقات والطفل الذى لا يستطيع التفرقة صغيرا بين خالته وجارته والرجل الذى يتكفل بابن جاره ان غاب والده
اعدنى لعصر تدين كان الدين فيه عمل وتكافل وشوارع نظيفة ونواصى امنه وبيوت غنيه من التعفف وبيوت لا تسمع فيها غير الشكر والذكر والكلمة الطيبة والابتسامة التى تنفق صدقه فى وجه عابر السبيل
اعدنى لمفاهيم غابت من صداقات طيبة لاناس تعرف كيف تؤازر وتحب وتفرق بين حقوقها وواجبات الاخر بعيد عن الانانية والمراة التى لا يرى فيه المرء غير نفسه ومشاكله وبطولاته وحده
الى علاقات اسرية سويه تعى الام فيها كيف تفرق بين الكارير والطموح وبين ان تكون ام وزوجه ومسئولة عن نشئ ويعى الرجل فيها دوره فى القوامة والرجولة فى البيت وفى ان يكن قدوة ومثل وسند وعامود بيت
اعدنى ايها الجنى لعصر جميل لم تطاله ثقافة الزحام ولم تلوثه مفاهيم العولمة الغير مفهومة ولم تمتد اليه الايادى لتطمس معالمه وهويته ولم تهرتل فى اذانه وسائل تواصل غير مؤهله للتواصل وعوالم تخفى فيس بوكى يقذفنا الى شواطئ صفحاتنا بكل ملوث وفاجر ومشوه وفاسق
اعدنى ارجوك.. كلمات كتبتها حين وجدت شبيه مصباح علاء الدين فى ذات محل للانتيكات القديمة وتمنيت لو خرج لى الجنى ساكن المصباح وسألنى ماذا اريد.. ولكنى افقت من حلمى على تعليق رجل كبير راقبنى وسمعنى و قال لى
ومن صنع كل هذا الذى تتحدثين عنه الزمن ام اهل هذا الزمن وانتى منهم
اصلحوا زمنكم يعود جميل..
فلا شئ معجزة سماوية وانما صناعة بشرية.. اصنعوا خيرا لكم ولاولادكم لانكم ربما لو عدتم بالزمن الجميل لافسدتوه كما افسدتم زمانكم
اخجلنى الرجل واسقط المصباح من يدى فهو صادق وانا مخادعة اخدع نفسى واتخلى عن مسئوليتى