موقع نبض العرب
جريدة و موقع إخبارى سياسى - اقتصادى - اجتماعى - فنى - رياضى - متنوع

الدكرورى يكتب عن المهلب بن أبى صفره ( الجزء الثالث )

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث ومع المهلب بن أبى صفره، وقد وقفنا عند الحكم بن عمرو الغفاري الكناني وقد روى عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وحديثه في البخاري والأربعة ، وقد روى عنه أبو الشعثاء وأبو حاجب وعبد الله بن الصامت والحسن وابن سيرين وغيرهم، وفي سنة سبعن وأربعين خرج الحكم بن عمر الغفاري غازيا بلاد طخارستان، وقال عنها ياقوت الحموي، هي ولاية واسعة كبيرة تشتمل على عدة بلاد، وهى من نواحي خراسان، وهي طخارستان العليا والسفلى، فالعليا شرقي بلخ وغربي نهر جيحون، وبينها وبين بلخ ثمانية وعشرون فرسخا، وأما السفلى فهي أيضا غربي جيحون إلا أنها أبعد من بلخ وأضرب في الشرق من العليا، وقد استطاع الحكم أن يهزم اهلها وأن يفتح جميع أقاليم هذه البلاد وإضافة أنه غنم من أهل هذه البلاد غنائم عظيمة، وقد فتح الحكم الغفارى جبال الغور.

وقال عنها الأصطخري، هى جبال عامرة ذات عيون وبساتين وأنهار، وهى خصيبة منيعة، وفى أوائلهم مما يلى المشرق قوم يظهرون الإسلام وليسوا بالمسلمين، ويحتف بالغور عمل هراه إلى فره، ومن فره إلى بلدى داور، ومن بلدى داور إلى رباط كروان من عملابن فريغون، ومن رباط كروان إلى غرج الشار ومنها إلى هراه، فهذا الذي يطوف بالغور كلها مسلمون، وإنما ذكرناها لأنها فى وسط الإسلام، ثم إن أهل جبال الغور ارتدوا عن الإسلام، فلم بلغ ذلك الحكم خرج غازيا بجيش قويا استطاع أن يُلحق بأهلها هزيمة منكرة واستطاع أن يستعيد فتحها وأن يعيد أهل هذه البلاد إلى الإسلام من جديد وكسب المسلمون من هذا الفتح العظيم غنائم عظيمة ووفيرة جدا كما ذكر المورخين، فقال الطبري وقال بعض أهل السير، وفي هذه السنه وهى سنة سبع وأربعين من الهجره، وجه زياد الحكم بن عمرو الغفارى إلى خراسان أميرا.

فغزا جبال الغور وفراونده، فقهرهم بالسيف عنوة ففتحها، وأصاب فيها مغانم كثيرة وسبايا، وقد فتح أيضا الحكم الغفارى بعد ذلك جبل الأشل، فقد خرج غازيا بأمرا من زياد بن أبيه والي العراق، وكانت وجهته إلى جبل الأشل، وحدثت معركة عظيمة انتهت بانتصار المسلمين وهزيمة الترك وكانت الغنائم عظيمة وكثيرة جدا، وكان مع الحكم بن عمر الغفاري القائد الشهير المهلب بن أبي صفرة الأزدي، وغزا معه بعض جبال الترك فغنموا وأخذ الترك عليهم الشعاب والطرق، فعيي الحكم بالأمر فولى المهلب الحرب، فلم يزل يحتال حتى أسر عظيما من عظماء الترك، فقال له إما أن تخرجنا من هذا الضيق أو لأقتلنك، فقال له أوقد النار حيال طريق من هذه الطرق وسير الأثقال نحوه فإنهم سيجتمعون فيه ويخلون ما سواه من الطرق فبادرهم إلى طريق آخر فما يدركونكم حتى تخرجوا منه ففعل ذلك فسلم الناس بما معهم.

من الغنائم، وقد قام الحكم الغفارى بعد ذلك بفتح الصغانيان، والذى قال عنها ياقوت الحموي أنها ولاية عظيمة ما وراء النهر وهى متصلة الأعمال بترمذ، وقال أبو عبد الله محمد بن أحمد البناء البشّاري، صغانيان هى ناحية شديدة العمارة كثيرة الخيرات، والقصبة أيضا على هذا الاسم تكون مثل الرملة إلا أن تلك أطيب والناحية مثل فلسطين إلا أن تلك أرحب، مشاربهم من أنهار تمد إلى جيحون، ثم إن الحكم بن عمرو الغفاري أول من قطع النهر من قادة المسلمين كما ذكر ذلك الطبري وغيره من المورخين، فقال ابن كثير، غزا الربيع ما وراء النهر فغنم وسلم، وكان قد قطع ما وراء النهر قبله الحكم بن عمرو، وكان أول من شرب من النهر غلام للحكم، فسقى سيده وتوضأ الحكم وصلى وراء النهر ركعتين ثم رجع، وقد استطاع الحكم فتح الصغانيان وضمها إلى بلاد الإسلام عندما قطع النهر.

وبذلك يصبح الحكم الغفارى، من أول الفاتحين في بلاد ما وراء النهر، وجاء عن فتح الصغانيان قال البلاذري، وحدثني أبو عبد الرحمن الجعفي، قَال سمعت عبد الله بن المبارك، يقول لرجل من أهل الصغانيان، كان يطلب معنا الحديث أتدري من فتح بلادك، قَال لا، قَال فتحها الحكم بن عمرو الغفاري، وحين غنم من فتوحاته غنائم كثيرة قسمها بين جند المسلمين المجاهدين فكتب إلى معاوية إني غنمت غنائم كثيرة، فما ترى ؟ فكتب إليه معاوية بن أبى سفيان، أن انظر كل صفراء وبيضاء أي الذهب والفضة، فأصفها لأمير المؤمنين، واقسم ما سوى ذلك في الجند، فجمع أصحابه، فقال ما ترون ؟ فقالوا لا نرى لمعاوية قبلنا حقا، فكتب إلى معاوية إني وجدت كتاب الله أحق أن يتبع من كتابك، وإني قسمت ما غنمت في الجند، فبعث إليه معاوية عاملا فحبسه وقيده، ومات في قيوده، فأمر الحكم أن يدفن في قيوده.

حتى يخاصم معاوية يوم القيامة فيما قيده، وأما عن المهلب فقد لعب المهلب دورا كبيرا في تلك الغزوة لإنقاذ جيش المسلمين بعد أن كاد الترك أن يفتكوا بهم حينما حوصر جيش المسلمين، حيث كانوا لا يعرفون الطرق والشعاب كما يعرفها أهلها، حيث ذكر الطبري في كتابه، فتولى المهلب الحرب، ولم يزل المهلب يحتال، حتى أخذ عظيما من عظمائهم فقال له اختر بين أن أقتلك، وبين أن تخرجنا من هذا المضيق، فنجا وغنموا غنيمة عظيمة، ولما ولى معاوية بن أبى سفيان، سعيد بن عثمان بن عفان خراسان وخراجها سنة سته وخمسين من الهجره، خرج معه المهلب بن أبي صفرة وأوس بن ثعلبة التيمي صاحب قصر أوس، وطلحة بن عبد الله الخزاعي، وأما عن وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي, فهو أبو المطرف، وقيل أبو محمد, وهو تابعي وأمير أموي وكان والي سجستان.

وقد عرف بِلقب طلحة الطلحات بِسبب كرمه وهو أحد الأجواد الأسخياء المفضلين المشهورين، وكان أجود أهل البصرة في زمانه، وقد عاصر عثمان بن عفان وكانت عمته هي الصحابية الجليلة أمينة بنت خلف, وكان والده هو عبد الله بن خلف كاتب الخليفه الراشد عمر بن الخطاب بالمدينة، وفي موقعة الجمل كان مع السيده عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها وكان مولاه رزيق الخزاعي، وقد قال الأصمعي، المعروفون بِالكرم طلحة بن عُبيد الله بن عثمان التيمي، وطلحة بن عمر بن عُبيد الله بن معمر التيمي وهو طلحة الجود، وطلحة بن عبد الله بن عوف ابن أخي عبد الرحمن بن عوف الزهري وهو طلحة الندى، وطلحة بن الحسن بن علي بن أبي طالب وهو طلحة الخير، وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي وهو طلحة الطلحات، وسمي بِذلك لأنه كان أجودهم”

وقال إبن دريد، إن أم طلحة صفية ابنة الحارث بن طلحة بن أبي طلحة العبدري فَلذلك سمي طلحة الطلحات، وقال أبو حاتم السجستاني، عن أبي عبيدة، أجواد أهل الحجاز ثلاثة، عبد الله بن جعفر بن أبي طالب, وعُبيد الله بن العباس، وسعيد بن العاص وأجواد أهل الكوفة، ويعني ثلاثة، وهم عتاب بن ورقاء الرباحي، وأسماء بن خارجة، وعكرمة بن ربعي، وأجواد أهل البصرة، ويعني ثلاثة وهم عبيد الله بن أبي بكرة، وعبيد الله بن معمر، وطلحة بن عبد الله الخزاعي، وقد قال أبي عبيدة معمر بن المثني، عن عوانة بن الحكم، قال، دخل كثير عزة، على طلحة عائدا زائرا، فقعد عند رأسه فلم يكلمه طلحة لشدة ما به من المرض، فأخذ كثير عزة، في الثناء عليه، فأطرق مليا، ثم التفت كثير عزة إلى جلسائه فقال، لقد كان بحرا زاخرا، وغيما ماطراً، ولقد كان هطل السحاب، حلو الخطاب، قريب الميعاد.

صعب القياد، إن سئل جاد، وإن جاد عاد، وإن حبا غمر، وإن ابتلى صبر، وإن فوخر فخر، وإن صارع بدر، وإن جني عليه غفر، سليط البيان، جريء الجنان، بالشرف القديم، والفرع الكريم، والحسب الصميم، يبذل عطاءه، ويرفد جلساءه، ويرهب أعداءه، وعند ذلك فتح طلحة عينيه فقال، ويلك يا كثير عزة ما تقول ؟ فقال كثير عزة، يا ابن الذوائب من خزاعة والذي لبس المكارم وارتدى بنجادحلت بساحتك الوفود من الورى فكأنما كانوا على ميعاد لنعود سيدنا وسيد غيرنا ليت التشكي كان بالعواد، ثم استوى طلحة جالسا، وأمر له بعطية سنية، وقال لكثير عزة، هي لك ما عُشت في كل سنة، وقد إستعمله سعيد بن عثمان بن عفان على هراة، ثم أصبح والي على سجستان ومات بِها، وفي ذلك يقول الشاعر، رحم الله أعظما دفنوها بِسجستان طلحة الطلحات، وكان هوى طلحة الطلحات أمويا، وكان بنو أمية يكرمونه.

اترك تعليقك