موقع نبض العرب
جريدة و موقع إخبارى سياسى - اقتصادى - اجتماعى - فنى - رياضى - متنوع

الدكرورى يكتب عن المهلب بن أبى صفره ( الجزء الثانى )

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى ومع المهلب بن أبى صفره، وقد وقفنا عند طبرِستان وهو إقليم عرفه العرب والفرس والترك باسمه منذ القرون القديمة، وهو يقع في شمال دولة إيران وفي جنوب غرب دولة تركمانستان اليوم ويمتد في معظمه على الساحل الجنوبي لبحر قزوين عبر سلسلة جبال ضخمة أعطته هيبة عند قدماء العرب كما يصفه ياقوت الحموي في معجم البلدان، وتسمى هذه السلسلة الآن سلسلة جبال ألبروز، وهي تمتد عبر أقاليم مازندران وكلستان وشمال سمنان، وكان يُسمي الفرس حاكم إقليم طبرستان بالأصبهبذ، وتعني كلمة ستان بالفارسية أى كلمة بلاد، وأما كلمة طبر، فهي كلمة فارسية تعني الفأس أو ما يُقطع به الحطب، وذلك حسب لغة القدماء، ولذا فطبرستان تعني بلاد الطبر، أو بلاد الفأس، أو ما إلى ذلك، وتروى قصة عن أصل هذا الاسم أنه في القديم كان يوجد عدد كبير من المجرمين.

والجناة في أحد جيوش الفرس وقد حُكم عليهم بالقتل، فتحير الملك وتهرب من قتلهم فقال اطلبوا لي موضعا أحبسهم فيه، أي جدوا لي مكانا أسجنهم فيه، فبحثوا عن منطقة مهجورة غير معمورة مناسبة حتى وصلوا جبال طبرستان والتي كانت غير مأهولة آنذاك، فأخبروا الملك عنها واقتادوا السجناء إليها، ثم بعد عام من ذلك أرسل الملك من يأتي له بأخبارهم، فجاء إليهم الرسول وقال لهم ما تشتهون؟ وبما أن الجبل كان كثير الأشجار فقد قالوا، طبره طبره، أي أطبار بالجمع، لأنهم أرادوا فؤوسا يقطعون بها الأشجار لكي يبنوا منها بيوتا لهم، ومن هنا جاء الاسم، ويقال أيضا أن أهل تلك البلاد يُقاتلون بالأطبار فمن ذلك جاء الاسم، وقد عرف أهل طبرستان هذه البلاد أيضا منذ القرون الهجرية الأولى بمازندران، مع أن ياقوت الحموي يقول في كتابه معجم البلدان، أنه اسم غير مألوف لم يسمع به في كتب القدماء.

بالنسبة لعصره، وأنه لم يسمع إلا من أهل طبرستان أنفسهم، واليوم تسمى المحافظة التي تشغر إقليم طبرستان القديم بمازندران، وكان بذلك فرضت سيطرة الدولة الأموية على أراض كثيرة فيما وراء النهر، وكان لها أكبر الأثر في إثراء الحضارة الإسلامية، وقد برز في تلك المناطق علماء ومفكرون أمثال الخوارزمي والبخاري، وأما عن المهلب، فينتسب المهلب بن أبي صفرة إلى قبيلة أزد عمان، والأزد هي قبيلة عربية من كبرى قبائل العرب وهى تنتمي إلى نابت، وكان موطنهم الأصلي هو غرب شبه الجزيرة العربية، وقد قسمهم بعض المؤرخين من حيث المساكن إلى أربعة أقسام، وهم أزد شنوءة، وأزد السراة، وأزد غسان وأزد عمان، وتفرع من الأزد قبائل كثيرة زادت على ست وعشرين قبيلة كبيرة، وأما عن أبو سعيد المهلب بن أبي صفرة فقد اختلفت الأقوال في صحبة والده.

للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقيل أنه أسلم في زمن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد وفد عليه فأمره النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن يغيَّر اسمه ظالم إلى أبي صفرة، وذكر الواقدي أن قومه ارتدوا بعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فهُزموا في حرب الردة ووقعوا في الأسر، وقال لما قدم سبي أهل دبا، وفيهم أبو صفرة غلام لم يبلغ الحلم، فأنزلهم أبو بكر في دار رملة بنت الحارث، وهو يريد أن يقتل المقاتلة، فقال له عمربن الخطاب، يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوم مؤمنون، إنما شحوا على أموالهم، فقال انطلقوا إلى أي البلاد شئتم، فأنتم قوم أحرار، فخرجوا فنزلوا البصرة، فكان أبو صفرة والد المهلب فيمن نزل البصرة، وقيل أنه كان أبو صفرة مسلما على عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يفد عليه، وقد وفد على عمر بن الخطاب.

في عشرة من ولده، وكان المهلب أصغرهم، فجعل عمر بن الخطاب، ينظر إليهم ويتوسّم، ثم قال لأبي صفرة هذا سيد ولدك، وهو يومئذ أصغرهم، ويذكر ابن حجر العسقلاني أن والده من مدينة دبا التي حدثت بها إحدى معارك حروب الردة، الواقعة في إقليم عمان التاريخي، وإقليم عمان هى منطقة تاريخية تقع في شرق شبه الجزيرة العربية وتشمل حاليا أجزاء من سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تنقسم سياسيا اليوم لثلاث أقسام، وهم دبا الحصن، ودبا الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة، وولاية دبا في سلطنة عمان، واختلف في موقعها حاليا، فقيل أنها تقع في ولاية دبا بسلطنة عمان، وأما عن دبا الحصن فهى مدينة هادئة تقع على الساحل، وقد عرفت في التاريخ وكانت موطنا رئيسيا للهجرات التي وفدت على الخليج العربي من اليمن، وقد ساهم موقعها الجغرافي الهام في دعم مكانتها التجارية.

على المحيط الهندي، وتطل دبا الحصن على ضفاف الشاطئ الغربي لخليج عمان، وتتميز بموقعها الجغرافي الذي يمثل الامتداد الشرقي الطبيعي لإمارة الشارقة، فدبا الحصن من المدن الجميلة التابعة لهذه الإمارة، وتجاورها دبا الفجيرة ودبا البيعة، وأما عن دبا الفجيرة فهى مدينة تاريخية على بحر العرب شمالي إمارة الفجيرة وتابعة لها، وقد اشتهرت في صدر الإسلام أثناء حروب الردة، وأما عن أراضيها فهى أراضى خصبة وكان ذلك الأمر الذي أدى إلى ازدهار الزراعة فيها، وقد شهدت ازدهار صناعيا وتجاريا بفضل عودة النشاط إلى مينائها وشبكة الطرقات التي تصلها بمختلف نواحي دولة الإمارات، وكانت أهم قبائل دبا الفجيرة هم الحموديون والظناحنة واليمامحة والزيود والحساسنة والصريدات والحفيتات والفهود ويرجع نسبهم عموما إلى سليمة بن مالك بن فهم الأزدي.

حيث نزحت قبيلة الأزد من اليمن لتتوزع على شكل جماعات في معظم أنحاء الجزيرة العربية، واستقر جزء منها بإقليم عمان ليعرفوا بأزد عمان، وفي بادئ الأمر استقرت أسرة المهلب بن أبي صفرة في دبا، ثم خرجوا منها لينتهي بهم المطاف إلى الاستقرار في البصره، والبصرة هى ثالث أكبر مدن العراق، وهي المركز الإداري والسياسي لمحافظة البصرة، وهى تقع في أقصى جنوب العراق على الضفة الغربية لشط العرب، وهو المعبر المائي الوحيد في العراق، كما تعتبر البصرة العاصمة الاقتصادية للعراق، والبصرة هى مدينة قديمة وقد شيدها عتبة بن غزوان في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وهي من المدن العربية الكبرى حيث تحتل المركز الخامس عشر من حيث عدد السكان، وأما عن المهلب بن أبى صفره فقد ولد في عام الفتح فى السنة الثامنه من الهجره.

وكانت أول إشارة في كتب التاريخ عن المهلب هي أثناء مشاركته مع الجيش تحت إمرة عبد الرحمن بن سمرة في سنة اثنين وأربعين من الهجره، لغزو سجستان، وأما عن عبد الرحمن بن سمرة فهو ابن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، وهو أبو سعيد القرشي العبشمي، وهو أحد الصحابة الكرام، وقد أسلم يوم الفتح، وكان والى على سجستان، وقد توفي في البصرة سنة خمسين من الهجره، وقد سكن عبد الرحمن في البصرة، وهو الذي افتتح سجستان وكابل وغيرها، وكما أنه قد شهد غزوة مؤتة، وقد روى أحاديث عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وعن معاذ بن جبل، وقال ابن سعد أنه استعمله عبد الله بن عامر على سجستان وغزا خراسان ففتح بها فتوحا ثم رجع إلى البصرة فمات بها سنة خمسين، وكذا أرخه أبو موسى وغيره، وقال ابن عفير أنه مات سنة خمسين.

ويقال أنه مات سنة واحد وخمسين من الهجره، وقد شارك بعدها بعامين بغزو ثغر السند، وغزا وغنم في بلاد الهند سنة أربعه وأربعين من الهجره، وأما عن المهلب بن أبى صفره، فقد أشار الطبري أثناء حديثه عن حوادث السنة الخمسين من الهجرة، وغزوة جبل الأشل إلى خروج المهلب بن أبي صفرة مع والي خراسان الحكم بن عمرو الغفاري، والحكم بن عمرو الغفاري الكناني وهو أخو رافع ويقال له الحكم بن الأقرع وهو من قبيلة بني كنانة من بني غفار، وهوصحابي جليل، وقائد عسكري كبير من كبار قادة الفتوحات الاسلامية في بداية الدولة الاموية وكانت جميع فتوحاته في المشرق الإسلامي في بلاد خراسان وبلاد ما وراء النهر، وقد صحب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حتى مات ثم نزل البصرة وولاه معاوية خراسان فمات بها، وقد روى عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

اترك تعليقك