موقع نبض العرب
جريدة و موقع إخبارى سياسى - اقتصادى - اجتماعى - فنى - رياضى - متنوع

أردوغان: يعود إلى لغة التهديد والمواقف البائسة

كتب – محمود ابراهيم
يعود الرئيس التركي رجب طيب إلى لغة التهديد والترهيب كلما شعر أن الخيارات تضيق أمامه، وعليه أن يحافظ على الأجواء مشحونة من أجل التفاوض مع الأطراف الأخرى في ظل التصعيد والتوتر، أن يكون قادراً على الحصول على جزء مما يطمح إليه.
لقد ثابر أردوغان على هذا الأسلوب السياسي الشعبوي الذي يمكن وصفه بأنه أسلوب يائس، خاصة أنه لا يتناسب مع منطق رجل الدولة المسؤول، ولا أسلوب القيادة المتوازنة التي يمكن أن تلعب دورًا فاعلًا في إيجاد حلول للأزمات المتفاقمة.
بالنسبة لأردوغان، تأتي سياسة افتعال الأزمات وتأجيج خطاب الكراهية والتحريض على العدوان، في طليعة الممارسات التي تكاد تصبح روتينًا يوميًا بالنسبة له، حيث يلجأ إليها لإظهار نفسه ومعجبيه أنه القائد الذي يتحكم في الأمور، وتحمل خيوط اللعبة، وتحرك تركيا نحو الازدهار المأمول.
استراتيجية التعتيم والتستر على الفشل الواقعي الذي يتغلغل في كل مناحي الحياة في تركيا، بدءاً بالاقتصاد المتعثر الذي يعاني تحت ضغط الأزمة المتصاعدة التي فقدت أكثر من 25 من قيمتها هذا العام، مروراً بحقوق، وانتهاء بتورط البلاد في أزمات كثيرة من دول المنطقة القريبة والبعيدة.
يبحث الرئيس التركي عن موطئ قدم في النظام العالمي، ويحاول استغلال هذه الفترة الانتقالية لفرض أمر واقع في عدد من الأماكن التي تورط فيها الجيش التركي، وخاصة في سوريا وليبيا والعراق، ناغورني قره باغ، ناهيك عن أزمة البحر المتوسط​​، التي يواصل الضغط على دول الاتحاد الأوروبي واليونان وقبرص.
يحاول أردوغان كسب الوقت قبل الانتخابات الأمريكية المقرر إجراؤها الشهر المقبل، ويراهن على أن الإدارة الأمريكية منشغلة بالانتخابات، وأنه يجب عليه حل بعض الملفات قبل أن تتضح ملامح السياسة الخارجية الأمريكية من خلال تشكيل الإدارة جديد بقيادة المرشح الديمقراطي جو بايدن، الذي يكرر انتقاداته لأردوغان، أو يجدد إدارة الرئيس ترامب في فترة ولاية ثانية.
في موازاة ذلك، يعول أردوغان على انشقاقه في الصفوف الأوروبية، وعلى إحجام الدول الأوروبية عن فرض عقوبات على بلاده على خلفية التنقيب في شرق البحر المتوسط، وتهديده لليونان وقبرص.
في إطار سياسة التهديد، نشر أردوغان، في العاشر من الشهر الجاري، تغريدة أرفقها بعبارة “تذكير قصير” على حسابه في تويتر، أكد فيها أنه لم ولن يرضخ لأي قوة، إلا قبل الله.
وقال في الفيديو الذي نشره: “لا نركع إلا لله في الركوع، لم ولن نركع أمام أي قوة أخرى، فاعلموا ذلك”.
أبقى أردوغان التهديد مطلقًا في اتجاهات مختلفة، مفتوحًا للتفسيرات، دون أن يسمي أحدًا على وجه التحديد، لا سيما أنه لم يحافظ على أي صديق لتركيا، وكرر لهجة التخويف مع الجميع، معتمداً على التصعيد والفتنة كنقطة انطلاق للحوار، أو نقاط المساومة والتفاوض.
وفي هذا السياق، أكد الرئيس أردوغان، اليوم الأربعاء، أن تركيا ستمنح اليونان “الرد الذي تستحقه” في شرق البحر المتوسط​​، حيث يثير إرسال أنقرة سفينة تبحث عن الغاز في المياه التي تطالب بها أثينا التوتر، وقال في كلمة ألقاها في أنقرة “ سنواصل إعطاء اليونان والإدارة القبرصية اليونانية الرد الذي يستحقانه على الأرض”.
في سياق التهديد التركي للأوروبيين ببطاقة الهجرة التي تلوح بها أنقرة مرارًا، أبلغ الرئيس أردوغان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل يوم الاثنين بضرورة إحراز تقدم في تحسين العلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.

وقالت الرئاسة التركية إن “الرئيس أردوغان، الذي قال ” إن اليونان تواصل تصعيد التوترات في شرق البحر المتوسط ​​رغم نهج النوايا الحسنة لتركيا ، قال إنه ينتظر خطوات ملموسة من الاتحاد الأوروبي نحو عقد مؤتمر شرق المتوسط ​​الذي اقترحته تركيا”، بالوضع الحالي.
أردوغان لا يتردد في تصعيد خطاب الكراهية ضد الأرمن، ويعتمد على إرث العنصرية الذي يستمد منه تفاصيل الأحداث والوقائع التي يحاول من خلالها دعم موقفه المتطرف في دعم أذربيجان بالسلاح والمرتزقة، وإظهار أنه يدافع عن الحقوق وأصحابها في منطقة ناغورني قره باغ المتنازع عليها بين أذربيجان وأرمينيا.
وهدد أردوغان في هذا الصدد: إن حل إقليم قره باغ الأذربيجاني يكمن في إنهاء الاحتلال الأرمني.
وأضاف أن ” قره باغ” أرض أذربيجانية تحتلها أرمينيا قرابة 30 عاما، واضاف ان “انهاء الاحتلال هو الحل لمشكلة قره باغ التي تحولت الى غرغرينا على مدى 30 عاما بسبب موقف أرمينيا المتعجرف والمتصلب”.
وأكد أنه لم يعد هناك مكان على الساحة لجهود إضفاء الشرعية على الاحتلال الأرمني، مؤكدا أن أذربيجان مصممة على تحرير أراضيها بالكامل. وشدد على استمرار دعم تركيا لأذربيجان في كفاحها المشروع لاستعادة أراضيها المحتلة.
يكرر المسؤولون الأتراك أسلوب أردوغان في تصريحاتهم الإعلامية، وهو أسلوب التهديد الذي ينبع من اليأس وليس عن القوة، بحسب ما لاحظه مراقبون، على سبيل المثال تصريح المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين بشأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من يرفض التهديدات التركية ويدعو الى عقوبات وعقوبات ضدهم وهم وحدهم في المتوسط ​​وليبيا.
قال متحدث باسم الرئاسة التركية، إن ماكرون يسعى لإظهار قوته في المحافل الدولية والإقليمية، لتعويض خسارته في الداخل، وتجميل صورته.
وأضاف: “وبما أن تركيا هي الدولة الأكثر إهمالاً التي تعترض على النظام الإقليمي في ذهنه، فهو يستهدفها دائمًا في سوريا وليبيا وفلسطين ولبنان وشرق المتوسط ​​وغيرها”.
هذا مجرد غيض من فيض أسلوب أردوغان في إدارة أزماته الداخلية والخارجية من خلال لغة التهديد والترهيب، وإذكاء خطابات الكراهية والعنصرية، واللجوء إلى الشعبوية لتجميع المتشددين الأتراك من حوله.
مؤكدًا مزاعمه بأن البلد مستهدف من قبل الأعداء الداخليين والخارجيين الذين يتربصون بها ويثيرونها بالمؤامرات والمؤامرات، هذه هي الطريقة التي يجب أن يتبعها رئيس دولة إقليمية قوية مثل تركيا؟!
اترك تعليقك