د.محمد محمود يكتب: عند غضبك احذر
د.محمد محمود يكتب: عند غضبك احذر
اتخاذ القرارات، وإصدار الأحكام، والتهور بالتصرفات والأفعال.
مشاعر الغضب التي قد تتملك الإنسان قد تكون أحيانًا مدمرة ومفتاح كل شر، لأنها تجعله لا يتحكم فيما يقوله أو ما يفعله،
حيث أن الغضب يختلف عن العدوان أو العنف، فالغضب هو عاطفة إنسانية طبيعية، في حين أن العدوان والعنف سلوكيات خارجية اختيارية،،
والغضب له العديد من الأنواع مثل (الغضب الإيجابي، الغضب السلوكي، الغضب العدواني، الغضب الشديد، الغضب المزمن، الغضب الانتقامي، الغضب اللفظي)…
وقد يشكو البعض من سرعة الغضب بداخله، وهو ما يشعره بالندم لاحقًا، قد يختلف معنى الغضب من شخص لآخر في شكله، وحدته، وأسبابه، ومدة استمراره، وطريقة التعبير عنه، حتى مدى الاعتراف به، فلا بد التعرف على الغضب إذا كان حالة انفعالية مؤقتة، والغضب كسمة ثابتة في شخصية الفرد.
فالبعض يعرف ويدرك جيدًا غضبه، بينما يفشل البعض الآخر في التعرف على شعور الغضب عند حدوثه،،
فالغضب الذى لا يتم التنفيس عنه بطريقة صحيحة وسوية قد يعوقك عن الإستمتاع بعلاقات طيبة، ويمنعك من تحقيق أهدافك الحياتي، لأن التجاوز من غير تفريغ مشاعر الغضب يؤدي إلى تراكمات ثم بعد ذلك انفجار..
لذلك توجد بعض الإرشادات التي تساعدك على التحكم في غضبك والتغلب عليه دون إيذاء نفسك والآخرين:
– حتى لا تؤذي أحد… انتبه للأفكار الغاضبة التي تدور في عقلك، ولاحظ إشارات الغضب وإشارات التحذير عندما تشعر أنت على الغضب وتشعر أن مشاعرك قد تخرج عن السيطرة فانتبه لأي زيادة في سرعة دقات القلب، لاحظ أيضًا انقباض قبضة يدك وأسنانك أو أي ضغط على رقبتك وكتفيك فتوقف فورًا وحاول تهدئة نفسك وخذ نفسًا، تنفس بعمق من معدتك، قم بالشهيق من خلال أنفك ثم الزفير من فمك حتى تشعر بدقات قلبك تتباطأ، مثلًا خصص 10 دقائق يوميًا للتركيز على التنفس… تنفس قدر حاجتك لتهدئة نفسك، انتبه لنفسك وجسمك والمحيط بك، وإذا كنت تلاحظ أن يديك تُقبض عند الغضب افتحهما واغلقهما عدة مرات للتخلص من ذلك القبض، انتبه للمحيط بك لتهدئة غضبك، راقب نفسك في تلك اللحظة وانتبه لغضبك، تعرف على الأسباب التي جعلتك غاضبًا
وتصرف بوعي وإدراك في خلق مساحة عقلية تمكنك من الاستجابة بهدوء في التحكم في ردود أفعالك العاطفية، وخذ فترة راحة إذا كنت تتعامل مع شخص معين، يمكنك قول شيء مثل “اعذرني، عليّ الخروج لدقيقة.” إذا كنت في منتصف نقاش، يمكنك التأكيد للشخص الآخر أنك ستتحدث إليه فيما بعد بقول شيء مثل “لدي مشكلة في التركيز الآن. سآخذ استراحة لمدة 15 دقيقة، وسأواصل النقاش معك عندما أستريح.”..
التعامل أحيانًا مع مسببات التوتر أو الغضب هو رد فعل للشعور بالعجز والخروج عن السيطرة، لذلك ابدأ بتسجيل مسببات التوتر اليومية التي تتعامل معها في مذكرات يومية مثل مشاكل العلاقات أو إحباطات العمل أو الضغط المادي والتوتر الناتج عن الأهل أو المشاكل الصحية أو أي شيء آخر يجعلك متوترًا وقلقًا وخارجًا عن السيطرة، لأن ذلك يوفر لك طريقة لفحصهم ومعالجتها، فكتابة ذلك يجعلك تتصفح مشاعرك في خصوصية أولًا دون إخبار الآخرين بأول شيء تفكر به، هذا سيجعلك تتجنب إيذاء الآخرين أثناء الغضب، تذكر أن باستطاعتك التحكم في ردود أفعالك تجاه الأحداث، إذا وجدت مسببات للتوتر والتي ليس باستطاعتك السيطرة عليها، ما زال بإمكانك التفكير فيما ستفعله، حتى إن لم تتمكن من تغيير الموقف يمكنك الحصول على مساعدة من متخصص بذلك، وستتمكن من رؤية نفسك وحياتك والآخرين بطريقة أكثر لطفًا واهتمامًا مع الوقت بصورة صحيحة وسوية.
– اقض بعض الوقت في الطبيعة… تمتلك البيئة الخضراء مثل الحدائق والبحيرات والمتنزهات تأثيرًا مهدئًا. حاول الخروج لمنطقة خضراء قدر استطاعتك، حتى وإن كانت لمدة 10 دقائق.، وتخيل أن غضبك ومسببات توترك تتسرب من قدميك إلى الأرض أثناء المشي، قد يكون مفيدًا جدًا لك.
– تعلم كيفية إعادة النظر… في المواقف على تسكين تلك المشاعر حتى لا تصبح غاضبًا وتصرخ في الآخرين، عندما تشعر بالخوف وعدم الأمان قد يجلب الإحساس بالرفض من الآخرين مشاعر الغضب، لذلك ركز على ملاحظة كيف أن تلك المواقف تجعلك تشعر وتفكر في طرق أخرى لتفسيرها… مثلًا إذا مررت بتجربة الرفض من قِبل شريك رومانسي محتمل، قد يجعلك الجرح تقول “لقد رفضتني بالطبع أنا غبي وفاشل أو أنا أكره نفسي” هذا يعد تعميمًا، والذي يعد ظالمًا لك، لأن التعميم سواء بالنسبة لك أو للآخرين القائم على تجربة معينة هو اختلال إدراكي شائع أو فخ فكري.
إذا اتبعت مشاعرك المجروحة، فقد تؤدي بك إلى الغضب، خصوصًا إذا صدقت أن معاملتك كانت ظالمة أو قاسية،
بدلًا من ذلك، اعرف أنك مجروح بسبب ذلك الرفض، ولكن لا تسمح لذلك بتحديد معرفتك بنفسك لذلك احترم شخصك وقول لنفسك “الرفض شعور مؤذي جدًا أنا أشعر بالخذلان، ولكنني كنت شجاعًا وتقدمت لشخص يعجبني، أنا لا أعرف لما رفضتني، ولكن هذا لا يصنفني كشخص فاشل. يمكنني التجربة ثانيةً مع شخص آخر”.
– استمتع… وتأكد من حصولك على الوقت الكافي للضحك والاسترخاء والاستمتاع، اذهب لمشاهدة فيلمًا، أو اخرج مع صديق يجعلك تبتسم، واستمتع بطعامك المفضل أو شاهد الكوميديا أو عرضًا تليفزيونيًا يضحكك أو اصنع ليلة مميزة بالخارج مع أصدقائك أو شريكك، تأكد من وجود بعض الوقت للمرح والاستمتاع بالأشياء الصغيرة، وتأكد من ألا تعتمد على الفكاهة كثيرًا حتى لا تصرف نظرك عن المشاكل الأعمق المسببة للغضب.
– اغفر… إذا كنت غاضبًا بسبب شخص ما أخطأ في حقك، عليك اختيار التخلي عن الغضب والاستياء الذي تشعر به. هذا لا يعني أنك ستتسامح مع كل ما يسبب لك الألم، ولكنه يعني أنك لن تكتم الضغينة أو تخرجها على شخص آخر بمسامحة الآخرين، أنت لا تتخلص من الغضب فقط دون إيذاء أحد، ولكن تتحكم في الموقف باختيارك ألا تكون فريسة،،
يمكنك أيضًا الشعور بالقلق حول مسامحة شخص ما إذا شعرت بأنه سيجرحك ثانيةً، لذلك التعبير عن مخاوفك مع هذا الشخص سيساعدك على الإحساس بشعور أفضل حول المسامحة.
– يمكنك أيضًا الشعور بالقلق حول مسامحة شخص ما إذا شعرت بأنه سيجرحك ثانيةً، لذلك التعبير عن مخاوفك مع هذا الشخص سيساعدك على الإحساس بشعور أفضل حول المسامحة.
– تخطى ما يغضبك… تجنب التفكير في هذا الحدث أو النقاش إذا شعرت بأنك جرحت. تجنب التعايش مع ما أغضبك عن طريق تعلم التخلي والنظر للحدث حتى لا تشعر بأنك الضحية. تقبّل غضبك ثم أعد صياغته أو تخطى الموقف. بهذه الطريقة، أنت تدرب نفسك على كيفية التعامل مع الأشياء التي تغضبك، والتي قد تتطلب بعض الوقت.
– عزز احترامك لذاتك… وأعد صياغة عقليتك للبدء في رؤية نفسك بشكل أكثر إيجابية… لأن احترام الذات المنخفض يسبب مشاعر الغضب، لذا أنت تحتاج لتغيير تفكيرك حول نفسك للأفضل، بدلًا من لوم نفسك على الصفات السلبية كن واعيًا بصفاتك الإيجابية، تذكر أن جميع البشر يقومون بأخطاء، سامح نفسك على أخطائك وسجل الأشياء التي تشعر بحاجتك لتحسينها.
– وفي النهاية اعرف متى ستحتاج للمساعدة… إذا حاولت التحكم في غضبك وعدائيتك ولم تنجح، فربما حان الوقت لطلب المساعدة الخارجية، ضع في اعتبارك زيارة متخصص في التحكم في الغضب، قد يساعد هذا على وعيك وإدراكك بأنك لست بمفردك وأن الآخرون يعانون أيضًا من الغضب والعدائية، احصل على مساعدة إذا خرجت عن السيطرة، سَبَبَ غضبك مشاكل كبيرة في حياتك، جرحت شخصًا ما، أخافك غضبك أو أخاف الآخرين منك، تَداخَل غضبك مع وظيفتك أو علاقاتك الشخصية، قلق أفراد العائلة والأصدقاء بشأن نزعاتك التدميرية، أخرجت غضبك بالقول أو بالفعل على الأطفال أو شريكك أو أصدقائك.
– جرب علاجات التصرفات الغاضبة… من خلال التحدث مع المختص في ذلك حول تجربة علاج يستهدف مسببات الغضب، قد ينصحك المختص بأحد تلك الطرق على سبيل المثال:
– العلاج السلوكي الجدلي، هذا العلاج يجمع بين تغير التصرفات والتأمل والعقلانية لمساعدتك على تنظيم مشاعرك وأن تكون حاضرًا في حياتك وتسيطر على أفعالك.
– العلاج السلوكي المعرفي، هذا العلاج سيساعدك على اكتشاف المشاكل التي تؤدي لغضبك وعدوانيتك سيساعدك الوعي والإدراك بتلك المشاكل على تغيير أنماط تفكيرك وتصرفك.
– العلاج السلوكي الانفعالي العقلاني، هذا العلاج يتحدى أفكارك ومعتقداتك غير العقلانية عن طريق مقارنتهم بأحداث حقيقية تجعلك تدرك النتائج المؤذية لتلك الأفكار، سيساعدك هذا الوعي على تغيير تصرفاتك السلبية وأفكارك وردود أفعالك إلى معتقدات أكثر صحة.
كاتب المقال..
د/ محمد محمود
أخصائى علاقات إنسانية واجتماعية..استشاري التخاطب والعلاج السلوكي والإرشاد النفسي والأسري.